الذهب يتكبد خسائر قوية هل سيستمر النزيف ؟

بدأت أسعار الذهب في تداولات الأسبوع الجاري متراجعة بقوة حيث يتطلع المستثمرون إلى حزمة من المؤشرات الاقتصادية المنتظرة والتي من المتوقع أن تؤثر على الأسواق في الأسابيع المقبلة، بما في ذلك قرار الفيدرالي الأمريكي بخصوص معدلات الفائدة.

ينتظر المتداولون بفارغ الصبر محضر الفيدرالي الأمريكي وبيانات أسعار المستهلكين والمنتجين خلال هذا الأسبوع، وذلك بعد أن أوضحت البيانات الأخيرة أن نمو الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة خلال مارس كان أقل من المتوقع، حيث بلغت 236 ألف وظيفة، بينما انخفض معدل البطالة إلى 3.5% مقارنة بـ 3.6% في فبراير.

يعتقد محللون وبنوك استثمارية أن الذهب قد يكون على مشارف تحقيق رقم قياسي جديد. فقد سجل سعر الذهب ارتفاعًا بنسبة 2% خلال نهاية الأسبوع الماضي، وصولاً إلى مستوى 2023.70 دولار بالعقود الآجلة المستحقة في يونيو.

في الوقت الذي انخفض فيه مؤشر الدولار إلى أدنى مستوياته في شهرين تحت مستوى 102 بسبب تراجع عوائد سندات الخزانة الأمريكية. بعض المحللين يرون أن إذا استعاد الدولار الأمريكي بعضاً من زخمه، فقد يدفع المستثمرين إلى جني بعض الأرباح من مراهناتهم على صعود الذهب.

يعتقد محللون في بارتشارت أن الدولار يحاول تكوين اتجاه صاعد قصير المدى، وعادة ما ينتهي هذا بتراجع الدولار وارتفاع في قيمة الذهب. ومع ذلك، قد يواجه الذهب بعض التحديات في الأسبوع المقبل.

وفيما يتعلق بتوقعات المستقبل الطويل، يرى محللو TD Securities أن الذهب يظهر إشارات إيجابية في مؤشرات الزخم. ومع ذلك، قد تفقد هذه الإشارات بعض قوتها بسبب قوة بيانات سوق العمل الأمريكية.

تعززت توقعات رفع معدلات الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي بعد صدور بيانات سوق العمل، ويقول محللو TD Securities إن فشل العقود الآجلة في التمسك بمستوى 2026 دولار سيؤدي إلى تراجع متواضع في المراكز الشرائية الطويلة للذهب.

بناءً على ذلك، يجب على المستثمرين والمتداولين مراقبة تطورات الأسواق والبيانات الاقتصادية المتوقعة خلال الفترة القادمة لتحديد الاتجاه المحتمل لأسعار الذهب. توقعات الفائدة وتقلبات سوق العمل الأمريكي ستكون عوامل رئيسية تؤثر على قرارات الاستثمار في الذهب وتحديد إمكانية تحقيق رقم قياسي جديد.

المحطات المقبلة لأسعار الذهب

بالنسبة لسعر الذهب في المعاملات الفورية، يقول سونيل كومار ديكسيت، رئيس الاستراتيجيين الفنيين في SKCharting: “تأكيد وصول السعر الفوري للذهب إلى 2025 دولارًا أمريكيًا يعزز استمرار الاتجاه الصعودي الذي سيطر على الذهب هذا الأسبوع، مما يشير إلى أن المحطة التالية تقع عند 2040 دولارًا، وهو مستوى اخترقته العقود الآجلة بالفعل.”

يضيف ديكسيت: “المرحلة التالية من الارتفاع عند 2060 دولارًا ستقربنا من أعلى مستوى قياسي يبدو مؤكدًا بشكل متزايد يومًا بعد يوم. ومع ذلك، إذا فشلنا في الحفاظ على مستويات أعلى من 2010 دولارات، فسنتجه نحو مناطق الدعم الموجودة عند 2000 دولار و 1990 دولار في السوق الفورية.”

يقول سونيل أن استمرار الانخفاض في مؤشر الدولار نحو المتوسط المتحرك البسيط لمدة 100 أسبوع، البالغ 100.20، سيساعد الذهب في الوصول إلى قمة جديدة. ويشير إلى أن “ضعف مؤشر الدولار المستمر تحت المتوسط المتحرك الأسي لمدة 5 أيام (EMA)، الموجود حالياً عند 101.70، لا يزال ساريًا. إذا تغير الوضع، قد يجد الدولار بعض الراحة، حتى يتمكن من التعافي باتجاه نطاق بولينجر للمتوسط اليومي عند 102.60.”

“كسر المستوى المنخفض الأخير عند 101.09 قد يؤدي إلى انخفاض سريع إلى 100.68 و 100.20. ستكون هذه المستويات مفيدة جدًا لمساعدة الذهب على تحقيق المستوى القياسي. ويضيف ديكسيت: “نتوقع انخفاض العائدات نحو 3.15 و 3.05 كظروف مثالية لاتجاه الذهب الصعودي نحو إعادة اختبار مستوى 2,070 دولارًا، والاختراق الصعودي نحو مستويات 2,090 – 2,140 دولارًا.”

في ضوء هذه المعلومات، يُظهر الذهب إشارات قوية نحو الارتفاع وتحقيق مستويات قياسية جديدة. يتوقع المحللون أن تساعد ضعف الدولار الأمريكي وانخفاض عوائد سندات الخزانة في تعزيز قيمة الذهب. ومع ذلك، يجب على المستثمرين والمتداولين مراقبة تطورات الأسواق والبيانات الاقتصادية لتحديد الاتجاه المحتمل لأسعار الذهب واتخاذ قرارات استثمارية مناسبة.

تغير حظوظ الذهب؟

كان من المفترض أن تعزز بيانات التوظيف الأخيرة قيمة الذهب، خاصة وأن البيانات السابقة كانت تشير إلى احتمالية انكماش اقتصادي يمكن أن يدفع الفيدرالي إلى خفض التضخم والسياسة النقدية. لكن البيانات الرئيسية للتوظيف الصادرة يوم الجمعة لم تدعم قيمة الذهب، بل أيدت الدولار الأمريكي، مما قد يؤدي إلى انخفاض أسعار الذهب مع بداية تداولات الأسبوع المقبل.

عامل آخر يؤثر على قيمة الذهب هو تغير توقعات أسعار الفائدة في السوق. فقد شهدت توقعات الفائدة للاجتماع المقبل للفيدرالي الأمريكي تغييرات كبيرة بعد إعلان بيانات التوظيف الأمريكية. قبل الإعلان، لم تكن الأسواق متأكدة من توقعاتها بشأن الفائدة، مما يعني أن الاحتمالات كانت متساوية بين رفع الفائدة بـ 25 نقطة أو تثبيتها.

بعد الإعلان، تغيرت التوقعات لصالح رفع الفائدة بـ 25 نقطة نظرًا لأن البيانات أيدت الدولار ودعمت رفع الفائدة بشكل عام في المستقبل، خاصة بعد تحسن معدل البطالة عن التوقعات وانخفاضه عن مستوى شهر فبراير. وبناءً على ذلك، يمكننا القول إن حظوظ الذهب قد تغيرت.

العامل الحاسم الآن في تحديد موقف الفيدرالي في اجتماع مايو المقبل هو بيانات التضخم المقررة للإعلان يوم الأربعاء من الأسبوع الجاري. ستحدد هذه البيانات اتجاه الأسواق لبقية الشهر وحتى انعقاد اجتماع الفيدرالي. إذا كانت بيانات التضخم أعلى من المتوقع، فقد يشعر الفيدرالي بضغط لرفع أسعار الفائدة للحد من التضخم، وهذا قد يؤدي إلى تعزيز الدولار الأمريكي على حساب الذهب. ومن ناحية أخرى، إذا كانت بيانات التضخم أقل من المتوقع، فقد يظل الفيدرالي متحفظًا في رفع أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى ضعف الدولار ودعم قيمة الذهب.

لن تتغير قواعد اللعبة: 

تقارير الوظائف وبيانات التضخم قد تدعم الدولار الأمريكي تشير التوقعات إلى أن بيانات التضخم الأسبوع المقبل وتقرير الوظائف قد تدعم الدولار الأمريكي. يتوقع الاقتصاديون أن قوة سوق العمل والتضخم المتزايد قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لمواصلة رفع أسعار الفائدة. على الرغم من أن زيادة بنسبة 25 نقطة أساس في مايو قد تضر بالذهب، لا يعتقد المحللون أن هذا سيغير قواعد اللعبة بالنسبة للمعدن الثمين. يشير المحللون إلى أن المستثمرين قد يحتاجون إلى الانتظار قليلاً لرؤية ارتفاعات قياسية جديدة في هذا السياق.

توقعات التضخم الأمريكي

خبراء BBH المصرف الاستثماري يتوقعون نمو التضخم الأمريكي بنسبة 0.2% شهرياً و5.1% سنوياً، مقابل 0.4% شهرياً و6% سنوياً في فبراير الماضي. يتوقع الاقتصاديون بالبنك أن ينمو التضخم الأمريكي الأساسي بنسبة 0.4% شهرياً و5.6% سنوياً، مقابل 0.5% شهرياً و5.5% سنوياً في فبراير.

فيما يخص مؤشر أسعار المنتجين الأمريكي، يتوقع اقتصاديو المصرف استقرار المؤشر عند مستويات الصفر شهرياً خلال مارس الماضي ونموه بنسبة 3% سنوياً، مقارنة بانكماش بنسبة 0.1% ونمو سنوي بنسبة 4.6% خلال فبراير. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن ينمو مؤشر أسعار المنتجين الأمريكي الأساسي بنسبة 0.3% شهرياً و3.5% سنوياً في مارس الماضي، مقارنة بالاستقرار على مستويات الصفرية شهرياً ونمو سنوي بنسبة 4.4% في فبراير.

اقرأ أيضًا

عاجل:عمليات جني الأرباح تؤثر على أسعار الذهب، لكن الاتجاه الصاعد ما زال سليمًا